صفحة رئيسية > العلاقات الصينية العراقية
كلمة معالي وانغ يي وزير الخارجية الصيني في الدورة السادسة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي
2014-06-05 01:26

يوم 5 يونيو عام 2014، أدلى وزير الخارجية الصيني وانغ يي بكلمة رئيسية خلال الدورة السادسة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي. يأتي النص الكامل كما يلي:

الزملاء العرب، السيدات والسادة،

السلام عليكم! أرحب بقدومكم إلى بجين لحضور الدورة السادسة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي. إن القاعة التي نجتمع فيها الآن تحمل اسم "فانغهوايوان" الذي يعني في اللغة الصينية "الأعمار الجميلة"، وذلك يرمز إلى أن التعاون الصيني العربي مقبل على مستقبل أكثر إشراقا.

صباح اليوم، ألقى الرئيس الصيني شي جينبينغ كلمة مهمة في الجلسة الافتتاحية أوضح فيها الاتجاهات الرئيسية والمجالات ذات الأولوية للتعاون لتعزيز العلاقات الصينية العربية وتطوير المنتدى في العشر سنوات القادمة، وطرح إجراءات جديدة وأهدافا جديدة لتعزيز التعاون بين الجانبين في مجالات التجارة والاستثمار وتنمية الموارد البشرية، الأمر الذي يشكل دليل الخطوات لتطوير العلاقات الصينية العربية في المستقبل. وأنا على استعداد للعمل مع زملائي العرب على تجسيد الإرادة السياسية لتعميق علاقات التعاون الاستراتيجي ووضع خارطة الطريق لترجمة الخطة التنموية إلى أرض الواقع.

انطلاقا من الروح المذكورة، ستقر هذه الدورة من الاجتماع الوزاري 3 وثائق مهمة ألا وهي "إعلان بجين" و"البرنامج التنفيذي بين عامي 2014 و2016" و"الخطة التنموية العشرية خلال الفترة 2014-2024".

-- يمثل "إعلان بجين" الطابع الاستراتيجي للتعاون الصيني العربي. إذ أنه يشرح بشكل وافي سياساتنا تجاه إصلاح نظام الحوكمة الدولي وإقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل ومكافحة الإرهاب ودفع الحوار بين الحضارات وغيرها من القضايا المهمة، ويلخص مواقفنا المشتركة من إيجاد حلول سياسية للقضية الفلسطينية والمسألة السورية وغيرهما من القضايا الساخنة في المنطقة، ويضع خطة طموحة لتطوير العلاقات الصينية العربية وبناء المنتدى.

بهذه المناسبة، أود أن أؤكد بشكل خاص على أن الجانب الصيني يرحب بتشكيل حكومة التوافق الوطني الفلسطيني، ويدعو كافة الأطراف إلى استئناف مفاوضات السلام في يوم مبكر؛ فيما يتعلق بالمسألة السورية، يدعم الجانب الصيني سرعة تنفيذ روح بيان اجتماع جنيف ويحترم ويدعم الترتيب الذي يعكس التوافق العربي ويجد قبولا من قبل كافة الأطراف السورية؛ كما يدعم الجانب الصيني حق الدول العربية في اختيار الطرق التنموية بإرادتها المستقلة، يعرب عن ترحيبه بإجراء الانتخابات الرئاسية في مصر بشكل سلس والخطوة المهمة التي تخطوها مصر في عملية الانتقال السياسي.

-- يمثل "البرنامج التنفيذي بين عامي 2014 و2016" دليلا عمليا لبناء المنتدى. إذ أنه يحدد المجالات الرئيسية لتعميق التعاون العملي بين الجانبين الصيني والعربي في السنتين المقبلتين، التي تشمل أكثر من 10 مجالات، بما فيها الاقتصاد والتجارة والطاقة ومكافحة التصحر والزراعة والسياحة والثقافة والتعليم والتكنولوجيا والصحة والإعلام والنشر والحوار بين الحضارات وغيرها. ويشمل البرنامج سلسلة من الإجراءات المحددة مثل تعزيز التعاون المتبادل المنفعة في المجال المالي وإقامة منتدى التعاون بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومنتدى وزراء الثقافة الصينيين والعرب وتنظيم رحلة ثقافية على طريق الحرير وإلخ، الأمر الذي يعكس بجلاء أن بناء المنتدى لديه دور كبير في إرشاد ودفع التعاون الصيني العربي في مختلف المجالات.

-- تمثل "الخطة التنموية العشرية خلال الفترة 2014-2024" خطة طموحة للعلاقات الصينية العربية وبناء المنتدى. إذ أنها تركز على رفع العلاقات الصينية العربي إلى مستوى استراتيجي أعلى وتطرح التصورات المبدعة مثل إقامة الحوار السياسي الاستراتيجي على مستوى كبار المسؤولين والإسراع بإنشاء منطقة التجارة الحرة بين الصين ومجلس التعاون الخليجي ودفع تسهيل التجارة الصينية العربية وتنفيذ "برنامج الشراكة العلمية والتكنوليجية الصينية العربية" وغيرها، بما يحدد اتجاه التعاون الصيني العربي في مجالات السياسة والاقتصاد والتجارة والطاقة والبنية التحتية والثقافة والتكنولوجيا في المستقبل. فلا شك أن هذه الوثيقة التي تصدر بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس المنتدى تكتسب أهمية خاصة تربط ماضي المنتدى بمستقبله.

السيدات والسادة،

قال الرئيس الصيني شي جينبينغ في الجلسة الافتتاحية صباح اليوم أيضا إن تشارك الجانبين الصيني والعربي في بناء "الحزام" و"الطريق" يعد فرصة تاريخية ترشد العلاقات الصينية العربية في المستقبل، فها هي قراءتي لهذا الطرح:

يمثل المنفعة المتبادلة والكسب المشترك الهدف للتشارك في بناء "الحزام" و"الطريق". في عصر العولمة الجديد، لا يمكن لأي تصور التعاون الإقليمي أن يحقق حيوية دائمة وآفاق رحبة إلا التصور الذي يحقق المنفعة المتبادلة والكسب المشترك ويعود بالخير على كافة الأطراف بشكل حقيقي. وإن الصين تطرح مبادرة بناء "الحزام" و"الطريق" بهدف ربط تنميتها الذاتية بالتنمية في الدول المطلة على "الحزام" و"الطريق"، ومن بينها الدول العربية، بما يخلق مجتمعا ذا مصلحة واحدة ومصير مشترك الساعي إلى تحقيق المنفعة المتبادلة والتنمية المشتركة. ويربط بين الصين والدول العربية أساس متين في التعاون وصفة التكامل القوية من حيث التنمية الاقتصادية والموارد الطبيعية. فطالما يبذل الجانبان جهودا مشتركا، باستطاعتهما بالتأكيد إيجاد المصالح المشتركة في عملية التشارك في بناء "الحزام" و"الطريق"، وتحقيق الالتحاق بين استراتيجياتنا التنموية، بما يجعلهما نموذجا ناجحا في تحقيق المنفعة المتبادلة والكسب المشترك والتنمية من خلال التعاون.

تمثل معيشة الشعب والتوظيف الجوهر لتشارك في بناء "الحزام" و"الطريق". إن تحسين ورفع مستوى معيشة الشعب مهمة تنموية أساسية تواجه كلا من الصين والدول العربية. لذلك، يجب على التشارك في بناء "الحزام" و"الطريق" أن يهتم دائما بزيادة التوظيف وتحسين معميشة الشعب، بما يجعل أكبر قدر ممكن من الناس العاديين يتمتع بثمار التنمية ويضفي حيوية جديدة ومستمرة في التعاون بين الجانبين. وبالتحديد، إن زيادة التوظيف والقضاء على الفقر يعتمدان على مدى تطور العملية الصناعية والتنويع الاقتصادي. هناك ميزة تكاملية قوية للجانبين الصيني والعربي من حيث الهياكل الصناعية، كما هناك درجة عالية من التطابق فيما بين الصناعات المعروضة من الجانب الصيني والقطاعات المرغوبة من الجانب العربي، فنحن مستعدون لتعزيز التعاون في مجالات السيارات والكهربائيات المنزلية والماكينات والطاقات الجديدة والمؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة من خلال نقل التقنيات والتكنولوجيا والاستثمار في الحدائق الصناعية وغير ذلك، بما يحقق الاندماج بين القوة الإنتاجية الصينية المتفوقة والعائدة الديمغرافية العربية، وبالتالي يزيد من فرص العمل في البلدان العربية.

يمثل الشمول والانفتاح الاساس للتشارك في بناء "الحزام" و"الطريق". فلا يمكن إقامة علاقات الشراكة المستمرة والمستقرة إلا من خلال الانفتاح المتبادل وما يترتب عليه من نشأة سوق شاملة تحقق النمو المستدام. ندعم التعاون في مجالات الجمارك وفحص الجودة وشهادات المواصفات والملكية الفكرية، بما يدعم التنقل الحر بين الافراد والبضائع ورؤوس الأموال والتقنيات والخدمات. ونسعى إلى وضع ترتيبات اقتصادية وتجارية أوثق ونهتم في هذا السياق بالدور المتميز لمنطقة التجارة الحرة بين الصين ومجلس التعاون الخليجي. كما ندعو إلى سن قوانين خاصة بحماية الاستثمارات المتبادلة والتعاون في الأيدي العاملة من أحل إزالة حواجز استثمارية وتعزيز ثقة المستثمرين. ويحرص الجانب الصيني على تعريف الشركات الصينية ذات القدرة بالمشاريع الاستثمارية العربية، كما يرحب بقيام الدول العربية فرديا أو جماعيا بترويج مشاريعها الاستثمارية في الصين.

يمثل التواصل الإنساني والثقافي الدعائم للتشارك في بناء "الحزام" و"الطريق". فلا يمكن أن يقوم بناء "الحزام" و"الطريق" على الاس المادي فقط، بل يجب أن يهتم بالتواصل والتفاعل الإنساني والثقافي، والسير على قدمي التعاون العملي والتواصل الثقافي بخطوات متوازية، بما يجعلهما يكمل بعضهما البعض. ولا يمكن أن يقوم التشارك في بناء "الحزام" و"الطريق" على أساس ثقافة واحدة فقط، بل يجب دفع التواصل والحوار العابر للحضارات، واستيعاب ميزات الحضارة الصينية والحضارة العربية والحضارات الأخرى المتنوعة. كما لا يمكن أن يقتصر التشارك في بناء "الحزام" و"الطريق" على التواصل بين الحكومات فقط، بل يجب جذب المشاركة الواسعة من مختلف أوساط المجتمع، وخاصة جيل الشباب، بما يجعل الروح الإنساني والثقافي التي يحملها طريق الحرير تتطور وتتوارث جيلا بعد جيل في المجتماعات كلها.

السيدات والسادة،

قبل عشر سنوات أنشأ منتدى التعاون الصيني العربي تلبية لمتطلبات العصر، وأصبح إطارا مهما للحوار الجماعي والتعاون العملي بين الجانبين. واليوم، تتطور العلاقات الصينية العربية بوتيرة أسرع، الأمر الذي يتطلب صياغة "نسخة مطورة" للمنتدى وتعزيز قدرته وآلياته باعتبار ذلك طريقا لا غنى عنه لخدمة علاقات التعاون الاستراتيجي الصينية العربية بشكل أفضل.

-- يجب توظيف الدور الريادي للآليات السياسية في إطار المنتدى، لتعزيز الثقة الاستراتيجية المتبادلة. ينبغى علينا التوظيف الكامل لدور الاجتماع الوزاري واجتماع كبار المسؤولين لإبقاء الجانبين على التواصل المستمر حول القضايا السياسية الهامة والأزمات الطارئة، وتعزيز التشاور والتنسيق السياسيين على المستويين الإقليمي والدولي. كما يمكن للجانبين التفكير في إجراء مشاورات رفيعة المستوى على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة واجتماعات مجلس الجامعة العربي على مستوى وزراء الخارجية وغيرهما من المحافل المتعددة الأطراف، بغية تعزيز جدوى وسرعة التواصل السياسي. كما أن الجانب الصيني مستعد لأخذ في الاعتبار إقامة آلية الحوار السياسي والاستراتيجي على مستوى كبار المسؤولين بعد نضوج الظروف.

-- يجب توظيف القوة الدافعة للآليات الاقتصادية التجارية في إطار المنتدى، لتدعيم المنافع المتبادلة والكسب المشترك. في إطار مؤتمر التعاون في مجال الطاقة، يمكن للجانبين إنشاء آلية تنسيق أسواق الطاقة وتشكيل إطار للتعاون وتطوير البنية التحتية للطاقة وتعزيز التعاون في سلسلة صناعة النفط والغاز الطبيعي بأكملها. وفي إطار مؤتمر رجال الأعمال وندوة الاستثمارات، يمكن للجانبين اتخاذ إجراءات تحرر وتسهل الاستثمارات وبحث إنشاء حدائق صناعية ومناطق صناعية للتصدير. ومن منظور بعيد المدى، من الأهمية بمكان أن يعتمد المنتدى أكثر على المؤسسات والمراكز التي سيتم إنشاؤها في إطاره، فيمكن بحث إنشاء "مركز نقل التكنولوجيا" و"مركز التدريب للاستخدامات السلمية للطاقة النووية" ومشروع تشغيل نظام "بيدو" الصيني لتحديد المواقع عبر الأقمار الاصطناعية في الدول العربي، بما يرتقي بمستوى التعاون الجماعي من خلال المشاريع النموذجية.

-- يجب توظيف دور الآليات الثقافية والإنسانية في إطار المنتدى لتعزيز تأثير المنتدى. ينبغى علينا التوظيف الكامل لدور آليات ندوة الحوار بين الحضارتين وندوة التعاون في مجال الإعلام ومهرجانات الفنون المتبادلة ومؤتمر الصداقة وغيرها، للعمل على تعزيز التواصل بين المؤسسات الفكرية والنساء والشباب والصحفيين والإعلاميين والمجموعات الفنية والمنظمات الأهلية. كما يجب علينا إحياء ما يمثله طريق الحرير من القيم الإنسانية وإنجاح العفاليات المتخصصة مثل "الرحلة الثقافية على طريق الحرير"، وإقامة علامات خاصة بالتواصل الثقافي في إطار بناء "الحزام" و"الطريق".

السيدات والسادة،

قد وُضع في أيدينا عصا التتابع. لننطلق من هذه الدورة من الاجتماع الوزاري كنقطة انطلاق جديدة ونبذل جهودا مشتركة بروح الإبداع والإنجاز لفتح سويا عقدا جديدا وأكثر إشراقا للعلاقات الصينية العربية والمنتدى.

وشكرا لكم جميعا!

 
Suggest to a friend:   
Print